العمل بين الماضي والحاضر

منذ البدء زوّد الخالق الإنسان بقوّة جسدية تتمثّل بعضلات مركّبة على أطراف جسمه تساعده لتحصيل رزقه أكان ذلك بالسّعي نحو ما يقتات منه أو بجلب ما يحتاج اليه أو الدفاع عن نفسه أو قومه. فالرجل كان يقوم بالمهام الصعبة أو الخطرة كالصيد والحراثة والزراعة والقتال بينما المرأة تكمّل مهام العائلة بالحمل وتربية الأطفال والطبخ والغسيل والعناية بالمسكن وجلب مياه الشرب أو الحطب من مسافات بعيدة  وقطف المحصول وتخزين المونة للأيام القاحلة. وفي ذاك الزمن لم يكن الإنسان بحاجة لممارسة أي نوع من الرياضة لأن عمله كان رياضة بحدّ ذاته!

مع التقدّم التقني أصبح معظم الناس لا يحتاجون الى بذل أي عمل بدني لتحصيل الرزق بل كل ما يفعلونه قد يقتصر مثلاً على الجلوس على كرسي وراء شاشة كمبيوتر لساعات طويلة أو إجراء اتصالات هاتفية أو غير ذلك من الأعمال التي لا تتطلب أي مجهود جسدي كبير! وبما ان الجسم يحتاج الى الحراك أصبح الناس يدفعون مبالغ طائلة لممارسة الرياضة وتقوية العضلات! فما كان يأتي مجاناً في السابق بسبب طبيعة الحياة أصبحنا نخصّص له وقتاً وندفع أموالاً من أجل الحصول عليه!

أما العمل في حياتنا الحديثة فهو جزآن: العمل حول البيت والعمل لتحصيل العيش.

العمل حول البيت

وهذه الأعمال يتقاسم مهامها ربّا المنزل وقد يشترك معهما فيها الأولاد والأقارب الذين يقطنون معهما تحت نفس السقف. وهي تشمل أعمال العناية بالمنزل والطبخ والجلي والغسيل والكي والطهي والحديقة وتنظيف الثلج من أمام المنزل في موسم الشتاء والى ما هنالك من أعمال كالعناية بالأطفال ومستلزماتهم ومساعدتهم في دروسهم وإيصالهم الى مدارسهم اونشاطاتهم الثقافية والرياضية ثم العودة بهم الى المنزل. كلها أعمال مختلفة وقد نحب بعضها بينما نكره البعض الآخر.

العمل لتحصيل العيش

مع التطوّر العلمي والتقني تعدّدت وتنوّعت حاجيّات المرء ولم يعد المأكل والمشرب يحتاجان الى وجود طاقات كبيرة من البشر وذلك لتوفّر شبكات توزيع المياه والكهرباء كما تكاثر وتنوّع الآليّات التي حلّت مكان الإنسان في ميادين الزراعة والبناء وغير ذلك. لذا استُحدثت مهن جديدة وتعدّدت الاختصاصات في كلّ المجالات! وإذ تفاوتت المداخيل بين مهنة وأخرى أصبح طالب العمل يُفتّش عن المردود النقدي للعمل قبل البحث عن مهنة يُحبّها!

لذا في عالمنا الحديث قلّما نجد أناساً يعملون في النطاق الذي يُحبّونه لأن ما يرغبون العمل فيه لا يدرّ ما يكفي لمعيشتهم! وهكذا نجد الكثير من الفنانين، كالرسّامين والنحّاتين وغيرهم، يمارسون هواياتهم في أوقات فراغهم!

وقد نجد الكثيرين يلجؤون الى العمل التطوّعي ضمن مجموعات منظّمة وذلك للتمويه على الرتابة التي تتملكهم وهكذا يشعرون انهم يؤدّون خدمة للمجتمع الذي يعيشون فيه…

الإعلان
قياسي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s