مجّد الله أيّامكم…

مَجّدَ الله أيّامكم.

 إنّ مكوثنا على هذه البسيطة مؤقّتٌ مهما طال، أتمنى لكم، فيما بقيَ لنا، طِيب الإقامة وحلوَ الأيام بعدَ المصائب والآلام، وحمى الله ذريّتكم من كلّ سوء وجعلها تستمدّ منكم حسنَ المسار، وتمشي على خطاكم في كفاحها الذي هو سُنّةُ الحياة، علَّ الخير الذي بذّرتموه يتجسّد عطاءً في مواكب الأجيال الجديدة!

مجّد الله الميلاد محبةً حارّةً لا ذكرى باردة،  وأعادَ على الجميع سنة ملؤها الحب والسعادة والبهجة.

بشير القزّي

٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥

May God bless your days.

Our time on this earth is temporary, no matter how long it may seem. I wish you, in the days ahead, peace of heart and sweetness of life after every hardship and pain. May God protect your families and future generations, guide them to draw from you the goodness of the path, and walk in your footsteps in life’s journey—so that the good you have sown may continue to give through generations to come.

May Christmas return to us as living, heartfelt love—not a distant memory—and may the coming year be filled with love, joy, peace, and hope for all.

Merry Christmas!!

Bachir Azzi

December 24, 2025

قياسي

ذكرياتٌ أليمة…

كتبت هذه الكلمات على أثر زيارة البابا إلى لبنان…

صادف بدءُ كتابتي لهذا المقال وصولُ الحبر الأعظم إلى بلدي لبنان الذي بعدتُ عنه منذ قرابة عقودٍ خمسة وما زالت ذكرياته تشتعل في قلبي! كان “البابا” في زيارة خاصة إلى بلدي الأم الذي كان، وذلك خلال باكورة زياراته خارج الفاتيكان مذ تنصيبه وهو يسعى إلى المساعدة في رأب الصدع الذي حدث منذ عقود وفي إعادة الاستقرار إلى الأراضي التي خطفت الأحداث الأليمة استقرارها وفرّقت بين شِيَعِها الخلافات ! كنت كلما نظرت إلى جهاز التلفزة واستمعت إلى أحد الذين يجيبون على أسئلة المذيعين، ويعربون عن ولعهم بالوطن الذي كان، وتعلّقهم الدائم به مهما حصل، لوجدت عينيَّ تغرورقان بدموع تنهمر على وجنتيّ ولا أقوى على إيقاف انهمارها ولا على إخفائها أمام الذين يشاركونني متابعة البرنامج!

كيف أنسى نشأتي في طفولتي في منطقة “الغلاطيّة” في بلدة “وادي الزينة”، التي تقع على ساحل الشوف، حيث لم تكن قد وصلت بعد المياه الجارية، وكانت جرارُ الفخّار تُعبّأ من بئرٍ تبعد نحواً من ثلاث ماية متر عن مسكننا ثمّ ترفع على الأكتف أو فوق الرؤوس، وتنقل محمولة سيراً على الاقدام لتركّز في الفيء على مصطبة خشبيّة في باحة المنزل الخارجيّة، بانتظار ان تروي ظمأ كلّ من استبدّ به العطش!

كنُا لا نخشى هشهشة الأفاعي التي كانت تصادفنا أمام مداخل منازلنا،  والكهرباء لم تصل بعد وكنّا نستنير خلال الليل بالشموع وقناديل الكاز واللوكس ! كنا نأوي باكراً إلى أسرّتنا التي كانت تحميها من شرّ البعوض “ناموسيّات” زيتيّة اللون مرفوعة على حمّالات حديديّة! كانت الليالي هادئة وساكنة تتقاطعها أصوات موج البحر وعويل بني آوى! أمّا لدى بزوغ الفجر فكان صياح الديك يوقظنا!

أمّا الأراضي الغير مزروعة فكان البلّان البرّي ذو اللون الأخضر الباهت يغطّيها بأشواكه وتقسم أجزاء منها بشكل غير منتظم هيشّ نبتَ فيها العرن النبيذي اللون المملوء بالأشواك الكبيرة! على الرغم من كلّ شيء، كانت تلك البقعة، بالنسبة لي، تشكّل جنة الخالق على الأرض!

والآن، وبعد ان مضت على هجرتي وفرار أقاربي وجيراني من تلك الأرض سنون تعدّ بالعقود، وبعد أن قضى نحبه الكثير ممّن نشأت معهم في طفولتي، وبعد ان أحسست ان ساعتي قد بدأت تقاربني، أتساءل هل سنعود يوماً إلى ارضنا، وهل سنرجع يوماً إلى حيّنا، وهل سيتعرّف عليّ الذين افترقت عنهم لدى هجرتي ولم يسألوا عمّا حلّ بي طوال ذاك الزمن؟

قياسي

ليتني كنتُ ضعيفاً في لغتي!

ليتَني كنتُ ضعيفاً في لغتي!

بعد أن كثرت الندوات الثقافيّة ، وتعدّدت إصدارات الذين يُذيّلون نتاجهم الشبه أدبي بألقابٍ متنوّعة كالأديب (ة) والشاعر (ة) وغير ذلك من النعوت الثقافيّة الحنيفة، أصبحتُ أكثر رغبةً في التمنّي لنفسي بأن أكون أقلّ إلماماً بلغتي حتى أشارك حضوراً ضعيف المعرفة،  بالتصفيق والتهويل لأولئك الشبه أدباء الذين يتصدّرون المنابر، والذين يخلطون بين الحابل والنابل دون تمييزٍ بين الصحّ والخطأ!

اللغة العربيّة من أصعب لغات العالم، والذي يجيد قراءتها قد لا ينجح في كتابتها، ويخفق أكثر في قراءتها دون الوقوع في أخطاء لا تعدّ ولا تحصى!

قد لا أفهم إصرار المتجدّدين في إصداراتهم الأدبيّة بتعنّتهم على عدم عرض نتاجهم على أحد الملمّين في اللغة، وذلك قبل إرسال النص إلى المطبعة! ينفقون الغالي والرخيص من أجل تصميم غلافٍ مميّز واختيار الأنسب من الورق للطباعة، بينما يخفقون في عرض المادة الأساس على أحد المتمرسين في الكتابة ! إن الأذى الذي يلتحق بالنص من جرّاء كلمات وعبارات خاطئة تلتصق بالكتاب مهما طال الزمن ويضعفُ من مضمون ما ورد فيه، مهما صفّق له الحاضرون !

فهل من يتّعظ؟

قياسي

كلمة في رحيل ابن عمّي نديم

كلمة في رحيل ابن عمّي نديم

فوجئت اليوم بخبر رحيلك، يا ابن عمّي نديم! كنتَ دائماً الأمل الذي يدعوني للعودة إلى البلاد التي نشأتُ فيها! صحيحٌ أنّ الكثيرين يتوقون إلى الأرض التي نشأوا عليها، إلّا أنّ الأهم يبقى متمثّلاً في الأناس الذين ربيتَ على حبّهم وبقي ذاك الحب يرافقكَ أينما ذهبت!

لا يمكنني تخيّل الوطن الذي أحببتُ من دون تلك الضحكة المميّزة التي عُرفتَ بها، والتي كانت صهصهتها في الأمسيات تتردّد أصداؤها عبر الشرفات وجدران المنازل، لتضيء عتمة الليل وتدخل البهجة إلى قلوب أهل الجوار!

أحبّك كلّ من عرفكَ وقد كنتَ دائماً خير رفيق لكلّ من دقّ بابكَ وجاء لزيارتك! ستبقى طويلاً في قلوب الجميع وسيبقى ذكرك الطيّب يتردد عبر الأزمنة!

بالنيابة عن زوجتي ميشا وابنتي دانة وعائلتها و أخويّ صلاح وحميد وعائلتيهما وبالأصالة عن نفسي أتقدم من ابنك عصام وعائلته، وابنك باسم وعائلتي المرحومين اخيك عصام وأختك نوال، وأخواتك منى ونجاة وفتنة وضيا وهلا وعائلاتهم بالتعازي الحارة النابعة من الصميم وستبقى في قلوبنا ما حيينا!

بشير القزي

١٤ تشرين اول، ٢٠٢٥

قياسي

كلمة في رحيل الدكتور عبدالله عبيد

       أخي وصديقي د. عبدالله

فوجئت مساء أمس، وأنا أقرأ الصحافة الخاصة بجاليتنا ، بخبر رحيلك عنن دنيانا، وانتَ من أعزّ الناس على قلبي! لم تمضِ أيام معدودة مذ اتصلتَ بي وانت تسأل عني وتستفسر عن صحّة أخي الموجود في الولايات المتحدة ! سررت جداً باتصالك إلّا انه لم يخطر على بالي أن ذاك الإتصال كان الأخير فيما بيننا!

عرفتكَ خلال أيام جائحة الكورونا بعد ان حصلتُ على رقم هاتفك عبر إحدى الشخصيات الجليويّة المهمّة! اتصلتُ بكَ وبدأتْ فيما بيننا علاقة صداقة لا مثيل لها! رغم ان الأيام لم تسمح لي بالاجتماع بك وجهاً لوجه، إلا أن الاتصال الهاتفي قرّب المسافات التي تفصلُ فيما بيننا!

استضفناك في” منتدانا” عبر” زوم” في أحد البرامج الذي قمنا بتنظيمه حول الشعر العربي وقد ألقيتَ قصيدة رائعة يذكرها الكثيرون ممّن حضروا اللقاء! آلمني أن أعرف أن الكثير مما قمتَ بكتابته تمّ إتلافه ولم يسلم إلّا القليل وانت الذي أمضى عمره وهو يكتب المقالات وينظم القصائد ! آمل ان يتمكّن أحدٌ من جمع ما سلمَ من عمليّة الاتلاف كي يبقى ذكرى للأجيال اليانعة!

أعرفُ أنكَ كنتَ تكره التواصل عبر الوسائل الحديثة وقد بقيتَ  مخلصاً للطراز القديم! إلّا ان ذلك لا يمنع من ان يتناقل البعض قسماً من نتاجك الأدبي!

كم أمضينا من الوقت ونحن نتسامر عبر الهاتف حول مواضيع شتّى، منها ما يتعلّق بالوطن الذي نشأنا فيه ومنها ما يتعلّق بالوطن الذي آلينا اليه!

كنت أفرح كثيراً بلقاآتي معك وكنت أستشيرك حول الكثير مما كنت أكتبه!

بالنيابة عن عائلتي وعن منتدانا وبالأصالة عن نفسي أتقدم بالعزاء النابع من الصميم من زوجتك ماريان ومن بناتك كارولين ونيكول وألما وعائلاتهنّ وجميع الأقارب والمحبّين وجميع من عرفوك وأحبّوك وسيبقى ذكرك الطيّب يتردد عبر الأجيال لان أمثالك قلّما نصادفهم في حياتنا!

والآن أتساءل: في حياتك لم أعرف إلّا صوتك، فهل من الممكن ان أتعرف عليك جثّة هامدة؟

بشير القزي

مونتريال ٢٣ تمّوز ٢٠٢٥

قياسي

كلمة في رحيل أديب كرم

سيدتي الكريمة إم حليم (حلوة كرم)

تأثّرت كثيراً بخبر وفاة زوجك أبو حليم (أديب كرم) وقد عاد بي شريط الذكريات إلى قرابة نصف قرنٍ من الزمن، مذ ربطت صداقة كبيرة بين أخي حميد وابنك حليم! أذكرُ ما حدث في تلك الأيام لمّا عزم الصديقان على السفر إلى الولايات المتحدة بقصد إكمال تعليمها الجامعي بعد بداية الأحداث الأليمة التي ألمّت بالربوع اللبنانية. أذكرُ ان أخي حميد أصرّ ألّا يسافر إلّا برفقة صديقه حليم ولم تُفلحْ “الوسايط” في حصول حليم على الڤيزا اللازمة في الوقت المناسب للسفر الى الولايات المتحدة! أصرّ أخي وقتئذٍ أن يرافقه حليم بأمتعته إلى المطار مراهناً على ان الڤيزا ستصدر في ذاك اليوم! وهكذا كان وصدرت الڤيزا وسافرا معاً!

وإذ يصدف اليوم ذكرى اقتراني رقم ٤٤ من زوجتي ميشا،  تذكّرت أيضاً  زيارتك برفقة زوجكِ أبو حليم والعائلة لتهنئتنا  وقد جلسنا في حديقة منزلنا في وادي الزينة. أذكر أيضاً أننا أخذنا صورة تذكارية في حديقة البيت الجنوبية، والتي تطل على البحر، وإذ كانت الشمس قد قاربت على المغيب، صدرت الصورة وهي تحمل اللون الأرجواني على وجوه كل من تواجد في تلك اللقطة!

شاءت الأيام ان نُرحّل من أرضنا، وقد قضينا زمناً طويلاً في الغربة، بعيداً عن الأرض التي أنجبتنا، ويكون من الفائزين الذي ينهي أيامه ويوارى الثرى في التراب الذي طمر أجداده!

إنّ زوجك أبو حليم يرحل وهو قرير العين بأن التي رافقته طوال العمر، وانجبت له خمسة شبّان وابنتين، قد فلحت في تنشئتهم على أفضل المثل والأخلاق إلى جانب أنها تمكنت من مساعدته في الحياة بعملها بالتعليم او في البنك!

بالنيابة عن زوجتي ميشا وابنتي دانة وعائلتها، وأخويّ صلاح وحميد وعائلتيهما، وعن أفراد موقع منتدانا الرسمي وبالأصالة عن نفسي أتقدم بالعزاء النابع من الصميم منكِ ومن ابنائكِ حليم وحازم وحسام وحاتم وحميد وابنتيكِ ميسا وماري وعائلات حليم وميسا وماري وكل الأقارب والأصدقاء.

نضرع إلى الله ان يرأف بضيفه الجديد وان يبعد كل مكروه عن الجميع!

بشير القزي

مونتريال ١٨ تموز ٢٠٢٥

قياسي

كلمة في رحيل ابنة عمّي مرتا

ابنة العم الحبيبة مرتا

أسفت كثيراً لخبرِ رحيلك من دنيانا دون ان تسنح لي الأيام بأن التقي بك مجدّداً بعد ان مرّت عقود منذ زيارتي الأخيرة لمنزلك في الرميلة!  شاءت الظروف والأحداث الأليمة التي عصفت ببلادنا ان تحتّم عل كلٍّ منا ان يبعدَ عن ربعه ليُنهي  حياته في ركنٍ ابعد ما يكون عن أهله ومُحبّيه!

عرفتكِ منذ نعومة أظافري وكنتِ من بين القلائل الذين صادقتهم في طفولتي! الفارق في العمر بيننا لم يكن كبيراً وأذكر ان ألعاب الأطفال كانت قليلة وكانت تتمّ صناعتها يدوياً كالطائرات الورقيّة والدمى وغير ذلك!

كانت العلاقة التي تربط بين عائلتينا كبيرة جداً (بين والدي ووالدك وعائلتيهما). أذكر أنكم كنتم تقطنون منزلاً في الطابق الثاني في البلعة القديم غرب بيروت، بينما كنا نسكن شقة في الخندق الغميق.  أذكر أنّي علمت أن والدك، عمّي ناجي، كان قد أسماكِ “مرتا” تيمّناً باسم والدته التي رحلت قبل ان ترى جيش الأحفاد الذي تحدّر منها! أما جدّتكِ ألماظة (والدة والدتك) فكانت تسكن على مقربة منكم في منزلٍ تراثيّ له حديقة جميلة ويقع على شارعكم نفسه!

في تلك الأيام كنتُ انتظر كل أسبوع نهارَ الخميس

 لأقوم بزيارتكم وأجول في “جنينة الصنايع” القريبة من منزلكم. في أغلب الأحيان كنت أبيت عندكم وأشعر بالمحبة التي كانت تسري في الأجواء!

أما موسم الصيف فكنا نمضيه في منزلين متقاربين في منطقة الغلاطيّة من قرية وادي الزينة! كانت أبواب مداخل البيتين مفتوحة على الدوام وكنا نعيش بأمان وكأننا في منزل واحد مع ان المسافة التي تفصل بين البيتين كانت في حدود المئة متر.

أذكر ان خليل ، زوجك الراحل، تعرّف عليك في حديقة منزلنا في الغلاطية ومن ثمّ قام بطلب يدك للزواج.

أذكر ان حفل الخطوبة تمّ في باحة منزل جدّتك ألماظة في البلعة القديم في بيروت وقد حضر العديد من الأقارب والأصدقاء. كنت ألتقط صور المدعوّين بجانبك إلا أني كنت الوحيد الذي لم يظهر في أيّ من صور الالبوم!

بعد ذلك تم عقد القران وقد رزقك الله ثلاثة شبّان وابنة وقد نشأوا على الأسس الكريمة عيْنِها التي ربّتك عليها والدتك الراحلة ماري، والتي كان لها فضل كبير على تنشئتي في صغري أيضاً!

ها انت ترحلين على عجلة من أمركِ ولديك العديد من المحبّين الذين لن ينسوا أنكِ كنت تتميزين  بالأخلاق السامية

 التي كنت تعكسينها مودةً للجميع!

بالنيابة عن زوجتي ميشا (التي صدف أنها ابنة خالك) وابنتي دانة وعائلتها وبالأصالة عن نفسي أتقدّم من اولادك بودوان ونجوان وعائلتيهما ومن ابنك رضوان وابنتك د. ليليان واخوتك القاضي جوزيف وبيار وريمون وموريس ودياموند وعائلاتهم وكل الأقارب والمحبين بالتعازي النابعة من الصميم متمنياً ان يبقى ذكرك الطيّب حاضراً في نفوس كل من عرفكِ!

بشير كمال القزي

مونتريال ٥ تمور ٢٠٢٥

قياسي

كلمة في رحيل بيار أحمرانيان

أخي وصديقي العزيز بيار،

آلمني جداً هذا الصباح خبرُ انتقالك إلى الدنيا الثانية، التي نحن آيِلون إليها مهما فعلنا ومهما أطال الله في أعمارنا.  فسُنّة الحياة تسري على الجميع مهما طال الزمن!

كنتَ دائماً، بالابتسامة التي تزيّن سحنتكَ، والعينين الواسعتين اللتين تنيران وجهك الصبوح، والصوت الجهوريّ الذي تتميّز به، مثال الهديّة التي أنعم بها ربّ العالمين على شعبه كي يصبرَ على مآسيه بعد ان شاء القدر ان يُبعد شعب لبنان عن الوطن الذي أحببناه وخِلْنا أننا لن نغترب عن أرجائه بوصفه مسقطَ الرأس وزادَ المعاد.

لم يعرفكَ شخصٌ إلّا تعلّقَ بك وتركتَ في صميمه حلاوةَ الأثر ، حلاوةَ إنسانٍ أحبّ جميع من كان حوله!

لا يمكنني ان أنسى أنكَ اتصلتَ بي هاتفياً لدى قراءتك مقالاً كتبتهُ تحت عنوان “ذكريات بيروتيّة” وأعلمتني انّكَ كنتَ جاراً لي وسط مدينة بيروت في منطقة “الخندق الغميق” ولا بدّ أننا سلكنا الازقّة والشوارع نفسها، وترددنا على المحال عينِها، لكننا لم نلتقِ إلّا في غُربةٍ امتدّتْ بنا الى ما وراء البحار!

 وها انت تغادر في العيد الوطني لتلك البلاد التي احتضَنَتْنا مهاجرين فاحتضنّاها مواطنين!

عندما قمتُ بتأسيس تجمّع “منتدانا” كنتَ لافتاً في الاجتماعات والنشاطات وقد شاركتَ في عدة ندوات أذكر منها ندوة عن الرحابنة وأخرى عن اللغة العربية مع الدكتورة هنادا طه!

لا يا صديقي بيار، لن ننساك وسيبقى ذكرك حاضراً في نفس كلِّ مَن  عرفك، إذ انك ستبقى الإنسان المميّز الذي قلما نجد مثيلاً له في عالم المصالح الطاغية.

فبالنيابة عن زوجتي ميشلين وعن “منتدانا” وبالأصالة عن نفسي أتقدم بالتعازي النابعة من الصميم الى زوجتك زكيّة وإلى فيليب وفريدريك وجان مارك وباتريك وعائلاتهم طالباً من الله أن يبقى ذِكرك أمثولةً فوّاحةً بالسيرة العَطِرة.

بشير القزي

الأول من تموز ٢٠٢٥

قياسي

الذكاء الاصطناعي بين الإبداع والهبل

الذكاء الاصطناعي بين الإبداع والهبل

اجتاحت المواقع الإلكترونية في الآونة الأخيرة نصوصٌ مكتوبة باللغة الفصحى أوردها أناسٌ لا يتقنون اللغة الأم، وقد خبِرَهُم القراء على مدى سنوات طويلة واكتشفوا ضعفهم اللغوي إلى جانب الفشل الذريع لدى بعضٍ منهم في شرح ما يقصدون في كتاباتهم! وإذ لجأ البعض منهم إلى الاستعانة بالمولود الجديد، ألا وهو ما سُمّيَ بالذكاء الاصطناعي ، نجدُ أولئك الكتّاب يذيّلون نصوصهم بتوقيع أسمائهم وكأن النص هو من فعلهم، وهم لم يكتبوا أي جزء من ذاك النص، بل اكتفوا بالطلب من الذكاء الاصطناعي ان يكتب مقالاً حول موضوع  معيّن!

والأغشم من ذلك كله نجد أولئك الناس الذين يصفّقون لهكذا نتاج، ويعتبرونه من أجمل ما كُتب، ويُحَيّون فِكْر الذي ادعى كتابة النص دون ان يبحثوا عن مصدر ما كُتب ومرجعيته!

وهنا تتوجب علينا المساءلة: أهل الذي استنسخ المقال، واستنجد بالذكاء الاصطناعي لكتابة نص هو أبعد الناس عن التمكّن من صياغته، هو الذي يستحق التصفيق والإطراء، أم ذاك الذي يُهلّل بشكلِ أعمى لشخصٍ لا يعرف لا الكتابة ولا التحليل إنّما يصفّق تقديراً ومبهوراً بنصّ استولدته البراعات الالكترونية ؟             

قياسي