رحلة الحياة ما بين المخاض والاحتضار
ولا يأتينّ مولود الى دنياه إِلَّا إذا بكى وإن لم يفعل فيلقى صفعة من مولّدته حتى يعلو صراخه ويعيش بعد ذلك حياته ولا يغادرها إلا بعد ان يئنّ من وطء أوجاع تتملّك جسده حتى يفارق الحياة!
عند المخاض تعاني الأم من الآلام اقصاها وتكون العائلة قد ضاقت ذرعاً من انتظار ساعة الولادة والكلّ توّاقون لانتهاء المعاناة وخروج المولود للعالم!
اما بعد طول بقاء وبعد ان تكون قد استبدت بجسمه الأمراض وعلا صوت تأوّهاته نجد عائلته تنتظر ان يرحمه ربّه وان لا يزيد من عذابه فيفارق الحياة!
إذن سنة الحياة ان لا يأتينّها أحد الّا بعد بكاء ولا يغادرنّها إلا بعد بكاء أعظم! وما يعيشه المرء خلال سني حياته تغلب فيه أيام الشقاء والتعب والحزن والآلام بينما تتخلّله فقرات من السعادة عسى ان تنسيه ما عاناه في أيامه الكالحة! وبالرغم من ذلك لا يمكن ان أنسى كلمات أبي العلاء المعرّي:
“تعبٌ كلّها الحياة فما أعجب إِلَّا من راغبٍ في ازديادِ”
وإذ أسترجع عدد الوعكات الصحية المنوعة التي ألمّت بي خلال حياتي والتي استدعت تدخّل أخصّائيين وجرّاحين أعرف جيداً أني لو كنت قد ولدت نصف قرنٍ من الزمن قبل أواني لكنت قضيت نحبي على عمرٍ أقل بكثير مما أنا عليه اليوم والفضل يعود في إطالة عمري للتقدم الذي تم إحرازه في مهنة الطب!
المهم في الموضوع ان المريض كان يُترك لمشيئة رَبِّهِ بينما نلجأ اليوم الى أقصى طرق العناية! ومع تقديري لمشيئة الخالق أَجِد ان التدخّل في إصلاح صحة المريض إنما هو عمل إنساني محض ولا دخل للخالق فيه إلا من سبيل أنه سمح به!
وبالخلاصة رأيي المتواضع هو بالتدخل لإسعاف المريض طالما هناك أمل في إحيائه وإلا لا حول ولا…