
ابنة العم الحبيبة مرتا
أسفت كثيراً لخبرِ رحيلك من دنيانا دون ان تسنح لي الأيام بأن التقي بك مجدّداً بعد ان مرّت عقود منذ زيارتي الأخيرة لمنزلك في الرميلة! شاءت الظروف والأحداث الأليمة التي عصفت ببلادنا ان تحتّم عل كلٍّ منا ان يبعدَ عن ربعه ليُنهي حياته في ركنٍ ابعد ما يكون عن أهله ومُحبّيه!
عرفتكِ منذ نعومة أظافري وكنتِ من بين القلائل الذين صادقتهم في طفولتي! الفارق في العمر بيننا لم يكن كبيراً وأذكر ان ألعاب الأطفال كانت قليلة وكانت تتمّ صناعتها يدوياً كالطائرات الورقيّة والدمى وغير ذلك!
كانت العلاقة التي تربط بين عائلتينا كبيرة جداً (بين والدي ووالدك وعائلتيهما). أذكر أنكم كنتم تقطنون منزلاً في الطابق الثاني في البلعة القديم غرب بيروت، بينما كنا نسكن شقة في الخندق الغميق. أذكر أنّي علمت أن والدك، عمّي ناجي، كان قد أسماكِ “مرتا” تيمّناً باسم والدته التي رحلت قبل ان ترى جيش الأحفاد الذي تحدّر منها! أما جدّتكِ ألماظة (والدة والدتك) فكانت تسكن على مقربة منكم في منزلٍ تراثيّ له حديقة جميلة ويقع على شارعكم نفسه!
في تلك الأيام كنتُ انتظر كل أسبوع نهارَ الخميس
لأقوم بزيارتكم وأجول في “جنينة الصنايع” القريبة من منزلكم. في أغلب الأحيان كنت أبيت عندكم وأشعر بالمحبة التي كانت تسري في الأجواء!
أما موسم الصيف فكنا نمضيه في منزلين متقاربين في منطقة الغلاطيّة من قرية وادي الزينة! كانت أبواب مداخل البيتين مفتوحة على الدوام وكنا نعيش بأمان وكأننا في منزل واحد مع ان المسافة التي تفصل بين البيتين كانت في حدود المئة متر.
أذكر ان خليل ، زوجك الراحل، تعرّف عليك في حديقة منزلنا في الغلاطية ومن ثمّ قام بطلب يدك للزواج.
أذكر ان حفل الخطوبة تمّ في باحة منزل جدّتك ألماظة في البلعة القديم في بيروت وقد حضر العديد من الأقارب والأصدقاء. كنت ألتقط صور المدعوّين بجانبك إلا أني كنت الوحيد الذي لم يظهر في أيّ من صور الالبوم!
بعد ذلك تم عقد القران وقد رزقك الله ثلاثة شبّان وابنة وقد نشأوا على الأسس الكريمة عيْنِها التي ربّتك عليها والدتك الراحلة ماري، والتي كان لها فضل كبير على تنشئتي في صغري أيضاً!
ها انت ترحلين على عجلة من أمركِ ولديك العديد من المحبّين الذين لن ينسوا أنكِ كنت تتميزين بالأخلاق السامية
التي كنت تعكسينها مودةً للجميع!
بالنيابة عن زوجتي ميشا (التي صدف أنها ابنة خالك) وابنتي دانة وعائلتها وبالأصالة عن نفسي أتقدّم من اولادك بودوان ونجوان وعائلتيهما ومن ابنك رضوان وابنتك د. ليليان واخوتك القاضي جوزيف وبيار وريمون وموريس ودياموند وعائلاتهم وكل الأقارب والمحبين بالتعازي النابعة من الصميم متمنياً ان يبقى ذكرك الطيّب حاضراً في نفوس كل من عرفكِ!
بشير كمال القزي
مونتريال ٥ تمور ٢٠٢٥