
خالي الحبيب نبيه،
صُعقتُ بخبر رحيلك المفاجئ وانت الإنسان الذي ما زالت تحلو له الحياة كما يستمتع بوجودك كلّ من جلس في حضرتك! كنت أتمنّى ان تسنح لي الظروف بأن أعود إلى بلدي الأم لرؤيتك والجلوس بجانبك!
كنتَ من أوّل الناس الذين عرفتهم في صغري والذين كنت أعتبرهم من أقرب الأشخاص إلى قلبي! أذكر أني كنت في الثالثة من عمري عندما كنتَ تُداعبني وتحملني على رجليك وترفعني إلى الأعلى وانا أغرق في بحر من الخوف والضحك! بعد وصول الأسطول السادس إلى الشاطئ اللبناني سنة ١٩٥٦ أذكر أنك أخذتني إلى محلات “قيصر عامر” للألعاب في بيروت واشتريت لي “جيب” حديدي زيتي اللون وعليه نجمة بيضاء وقد تمتّعتُ بقيادته حتى أصبحت رجلاي لا تتسعان للجلوس بداخله!
أذكر أيضاً أنك أهديتني ساعة يد ماركة “إكزاكتوس” وكنتُ وقتئذٍ في السابعة من عمري وأتعلّم في مدرسة “كليّة لبنان” التي كانت تقع في محلّة البسطا. لصغر رسغي أضفنا عدّة ثقوب على الرابط الجلدي حنى اتمكّن من لبسها! كنتُ الوحيدَ بين أترابي الذي يلبس ساعة على يده! وقد رافقتي تلك الساعة حتى أنهيت تعليمي وتمّ إرسالي إلى العراق للعمل هناك!
عرفتكَ رجلاً قلّ أمثاله وتمتّعتَ بمقدرة عالية في التحدّث والمناقشة وكنتَ توازي المحامين في اختيار كلماتك! كم تمنّيتُ لو سنحت لي الظروف أن أكون بجانبك لأتعلّم منك بعضاً مما تجيده!
ها أنتَ تغادر عالمنا ولا تحمل معك جواز سفر أو حقيبة تحمل متاعك! إلّا أن ذكرَك الطيب سيبقى يتردد عبر كلّ من عايشك أو عرفك!
بالنيابة عن زوجتي ميشا وابنتي دانة وعائلتها وبالأصالة عن نفسي أتقدّم بالعزاء الحار من أخيك آمال ومن زوجتك التانت بريجيت التي رافقتكَ على مدى العقود ومن أبنائك إيلي وأمين وزياد ومن ابنتك زهى وعائلاتهم وأولاد أخوتك وعائلاتهم والاقارب الكثر الذين عرفوك وأحبّوك ونضرع إلى الله أن يحفظ الجميع ويبعد عنهم كلّ مكروه!
بكل محبة
بشير القزي
مونتريال ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٤