
مفارقات لا نفهمها (٣)
منذ آلاف السنين توالَت على الشعوب ممارساتٌ متنوّعة قام باتباعها الكثيرون منها، وقد اعتبروا لفترات طويلة من الزمن أنها مُنزلة من عند ربِّ العالمين الذي أمرَ بالالتزام بها وتطبيق تعاليمها! إلّا أنّ ازمنة طويلة قضت على الكثير من تلك الممارسات بعد ان تبيّن ان لا إثبات على صحّة مصدرها وكانت غالباً تجلبُ الأذيّة والضرر إلى مُنَفّذيها، كالتضحية بأرواح أناسٍ مُقَرّبين من الذين تتمّ التضحية بهم، ظنّاً منهم أن الآلهة هي بانتظار هكذا تضحيات لنصرة المجموعة ودرء الشرّ عنها!
إلّا أنّ بعض الممارسات ما زال يجري تطبيقها في أيّامنا هذه، على الرغم من الآلام التي تجلبها معها لدى التنفيذ وبعده، وأخطار الإصابة بالتهابات جمّة وخطيرة قد تصيب منْ جَرى تنفيذ الممارسة عليه، وذلك إن لمْ تُتّخذ الإجراءات الوقائية والطبيّة اللازمة على المُفْتَعل به!
من الممارسات التي نقومُ بها، ونعتقدُ أنها مُنزلة من عند الخالق نجدُ تناولَ الطعام، وشربَ الماء، والنوم، والتبوّل والخروج… إلّا ان بعض ما نقوم به على أجسادنا بإمكاننا العيش من دونه، ولا يؤثّر مطلقاً على حياتنا وصحتنا ان اتبعنا القليل من أساليب النظافة والوقاية!
قد ينزعج كثيرون ممّا سيقرأون في مقالي هذا، وهو ليسَ موجّهاً لهم ولا ينتقدُ ممارساتهم، أمّا إذا كانت توجد لديهم براهين تخالف ما أسرُدُهُ، فعلى الرحب والسعة، فأنا مستعدٌّ للإستماع اليها وأخذِ محتواها بعين الاعتبار، وبالأخص إذا كانت ترتكزُ على إثباتات لا غبارَ على صحّتها وتخالفُ ما سأوردهُ!
لا يحتاجُ المرءُ إلى ان يكون مزوّداً بدماغ “أينشتايني” ليلاحظ أن الكائنات التي منَّ بها الله على عالمنا هذا، وجعلها تعيش من خيرات هذه البسيطة ، يبلغ تعدادُها ملايين متعدّدة من ناحية الأجناس، وكلّ جنسٍ يختلف عن غيره، منه ما يعيش فوق الأرض و منه ما يعيشُ في غوصها، منه ما يعيش في المرتفعات ومنه ما يعيش على السواحل او الوديان، منه ما يعيش في المياه المالحة ومنه ما لا يعيشُ إلّا في المياه الحلوة، منه ما يعيشُ في الأجواء ومنه ما يصارعُ الرياح، ومنه ما يهاجر من قارةٍ إلى أخرى حسب تقلّبات الطقس الموسميّة… إنَّ الكمالَ الذي خصَّه الخالقُ بكلِّ جنسٍ، أوْجَدَهُ “هو” في منتهى الإبداع، فكلُّ جزءٍ من أيّ كائنٍ، وُجِدَ لسببٍ معيّن عند ربّ العالمين، وهو وحده القادر على تحديد دوره ومهامه!
إلّا أنّ تساؤلات مختلفة تجول في ذهني وأودُّ أن أشارك بها من يقرأ مضمونها:
· هل أعطى الخالقُ الحقَّ لفردٍ أو مجموعة بتعديل ما قام بخلقه ؟
· هل يُعقل أن يقف أحدُ الآدميّين مستعرضاً جسم أخيه الإنسان ويتوجه الى السماء مخاطباً الخالق ويقول: ” يا إلهي! أبدعت في كلّ شيء، إنما أجدُكَ قد أخطأتَ بإطالة تلكَ القطعة التي يجب قطعها!”
· أما يُعدُّ بترُ جلدة ساترة من جسم الإنسان، و هي لا تتسبّب له بأيّ أذى، كإعلانٍ عن عدم الرضى عمّا خلقهُ الربّ؟
والله أعلم!