تساؤلات…

لدى بدئي بكتابة مقالي هذا، وردَ في ذهني تساؤلٌ جعلني أتردّد في تدوين ما عقدتُ العزم عليه، مع أن الموضوع يشغلُ فكري منذ فترة! كيف بجاهلٍ مثلي، لا يَفقهُ من أمور الدنيا إلّا بالأقلّ من القليل، أن يتجرّأ إلى مواضيع تطرَّقَ لمعالجتها رجالٌ كبار، أقلّهم يُعدُّ من أعظم العلماء والفلاسفة الذين مروا قبلنا عبر التاريخ ؟ 

أخذتُ أتأمّلُ تلك النملة الصغيرة التي تتنقّلُ أمامي ببطءٍ على الأرض، وخلتُها تنظرُ إليّ وتقول: “ما هذا العملاق الذي يقفُ أمامي؟ لا بُدّ أنه دهس المئات من مثيلاتي تحت رجليه وهو يخطو، دون أن ينتبه، لصغرِ جسمنا مقارنةً مع حجمه الضخم وثقلِ جسمه!” ورمَقَتْ بعينها المبنى الكبير الذي كنت متواجداً أمامه وحاوَلتْ تقدير نسبة ضخامته بالنسبة لجسمي، وقدَّرتْ أن حجمي صغيرٌجداً بالنسبة له، إلّا أنه لم يكن بمقدورها رؤية الجبل المتعالي فوق الأفقِ خلفنا والذي لا نستطيع أن نقارن حجمه بكَمِّن ملايين أضعافِ حجم المبنى!

وهنا تهيّأ لي أن أقارنَ حجمَ النملة الصغيرة بالنسبة إلى الكرة الأرضية أو حتى بالنسبة إلى العالم الشمسي (المجرّة الشمسيّة) ولم أجد من الأصفار ما يكفي لوضعه على يمين رقم (١) لإيجاد رقمِ المقاربة، بين صغرِ النملة وكبرِ ذاك العالم!

وفي ليلٍ صفاؤه مستتم، لاحظت السماءَ المستنيرةَ بعددٍ لا يُحصى من النجوم، تلك التي تُحسبُ مسافةُ بعدها عنّا بما يُقاس بالملايين من السنين الضوئية، استنتجتُ أن نسبةَ صغرِ العالم الشمسي بما يحويه (المجرّة الشمسيّة) أقلّ بكثيرٍ من نسبة مقارنة النملة بكبرِ المجرّة الشمسية!

أمّا بالنسبة لنا، نحن البشر، فنظنّ أنّ كلّ ما وُجدَ في هذا العالم، انوجدَ من أجلنا، ولانبالي قدرَ ما يجب، بعظمة وقدرة تلك القوّة التي أوجدت الكونَ بما عليه، بالأعداد التي لا تُحصى من أنواعِ الكائنات، في عالمنا على هذه الأرض، وقد يكون غيرها في عوالمَ أخرى، والله أعلم!

 وما يُحيّرني هنا هو ذاك التناغم بين الشرِّ والخير، وبين المُفترس والوديع، بحيث أن الكائنات تواجدت مع بعضها، ولم يتمكّن المفترسُ منها أن يقضيَ على الوديع منها رغم ضعفِ قدرة الأخير في الدفاع عن نفسه!

أمّا بالنسبة لنا نحن البشر، فنحن، كباقي الكائنات ، أجسادُنا تتحرّكُ بوجود الروح داخلها، وما ان تُسلَمَ تلكَ الروح حتى يعجزَ الجسمُ عن الحراك، وتتفتّت مكوّناته مع الزمن! فالروح في الجسد هي كالطاقة الكهربائية في الماكينة، ما ان تنفصل عنها، حتى تُصبح الماكينة دون فائدة، فتهترئ بمرور الزمن!

أمّا الجسد، فقد عرفناه بالحواس الخمس التي تعلّمناها، وهي: البصر،والشمّ، والسمع، واللّمس، والتذوّق. إلّا أنّي أضيفُ مهمّتين اثنتين، لم يتم ذكرهما وهما: القوّة الجسدية، واللّذّة الجنسيّة. وكلّ هذه الحواس لا تتفاعل إلّا بوجود الروح داخل الجسد!

والمتعارف عليه ان الجسد مرتبطٌ بعالم الأرض، أي إنه يحتاج إلى جاذبية معينة بالإضافة إلى استنشاق هواء ممزوج حسب نِسَبٍ دقيقة، ويتطلّبُ حرارة خارجيّة تتراوح بين معدّلات محمولة، وتغذية دورية تشمل الكثير من المأكولات التي لا توجد إلّا على سطح الأرض أو في باطنها وغير ذلك من المتوجبات!

وإن ألمَّ سوءٌ بالجسد، فإنه لا يقوى على تحمّل طاقة معيّنة من الألم، وإلّا خرجت منه الروح إلى غير رجعة!

والاسئلة التي تَشغل فكري هي التالية:

  • هل باستطاعة الروح ، بعد خروجها من الجسد، أن تتلذّذ من أيّ خيرات عرفنا مثيلاتها في عالمنا هذا؟ 
  • هل نار الآخرة التي توعَّدْنا بها كلَّ ظالمٍ، وأملْنا أن تنتقِمَ لنا من كلِّ مُغتصب، لن يكون لها أيّ تأثيرٍ على أرواح هؤلاء الأشرار، ولن يجازوا بعذابٍ أبَديّ؟
  • كيف سيحصل كلّ من عمل الصالحات في حياته على جزاء معروفه؟
قياسي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s