هل القراءة مفيدة بالقدر الذي يزعمه روّادها؟

هل القراءة مفيدة بالقدر الذي يزعمه روّادها؟

( أرجو من الذين لديهم آراء مسبقة حول الموضوع أن يتريّثوا قبل كتابة تعليقاتهم وذلك حتى الإفراغ من قراءة هذا المقال)

في الماضي كانت القراءة المصدر الأهم لكلّ طالبِ علمٍ أو ثقافة وكان الكتاب المرجع الأساسي لكلّ معلومة. وحتى لمدة زمنيّة ليست بالبعيدة لم تكن الكتب متوفّرة في جميع المجالات! أذكر أننا، كطلاب في الكلّية العليا للهندسة في بيروت، كنّا ندوّن على دفاتر ورقيّة ما يتلفّظ به الأستاذُ المحاضر، لنعيد قراءته فيما بعد  لدى التحضير للامتحانات، وذلك في زمنٍ لم يكن فيه التصوير الورقي متوفّراً للجميع!

على مدى عقودٍ وقرون، كان المقياس الذي يُحدّد ثقافة المرء، هو عدد الكتب التي قام بقراءتها والمراجع التي اطّلع عليها! إلّا أن الأمر الأهم يكمنُ فيما يقرأه طالبُ العلم والثقافة وما يبقى عالقًا في فكره بعد مرور زمن على إتمامه القراءة:

قراءة الرواية

قد يغضب منّي كثيرون، وتجولُ في ذهني وجوهُ عددٍ منهم من معارفي، عندما أقول أن الرواية لا تزيد قارئها ثقافة إلّا بالقليل من المعرفة، ولا تُعَدُّ مصدراً موثوقاً لطلّاب العلم! القارئ لا يستفيدُ منها إلّا أنه يعيش أوقاتًا مع أبطالها تجعلهُ يمضي ساعاتٍ يفرحُ أو يحزن معهم ويشعرُ بما يُعانون منه، تماماً كما يشعرُ عندما يُشاهدُ فيلمًا سينمائياً! أمّا من الناحية اللغوية ، فلا تزيد قارئها إلّا ببعض المفردات ولا تحسّنُ كثيراً قدرته على الكتابة والتعبير إلّا بالمقدور الذي يتعبُ عليه!

قراءة الكتب العلمية والاجتماعية وغيرها

بالطبع تلعب هذه الكتب دوراً أكبر في تعليم القارئ وتفتح له مجالات قد تساعده في أمور حياته العملية أو الاجتماعية أو النفسية أو العائليّة أو الطبّية أو الصحيّة أو غير ذلك! إلّا أن مفاعيلها لا تزيد عمّا يتذكّره القارئ بعد مرور سنوات على قراءتها!

قراءة الصحف والمجلّات

هذا النوع من القراءات يجعل الإنسان يطّلع على كلّ ما يجري من حوله وعلى الأمور السياسية والاقتصادية والحياتية والفنية وتجعله على بيّنة من أمور تجري حوله أو في بلدان العالم كافة!

الإذاعات وأجهزة التلفزة 

في أيامنا هذه نجد أن أجهزة الراديو تزيدنا بعض المعرفة، والأغلب عندما نكون في السيارة؛ بينما أجهزة التلفزيون ففيها من البرامج ما يزيدنا ثقافة ومعرفة وأغلبها وُجدت للتسلية وتمضية الوقت ونشر أخبار يرتئيها القيّمون على هذه المحطات وقد تكون موجّهة!

وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة 

خلال هذه الأزمنة الحديثة بدأنا نتساءل عن الجدوى من طلب المعرفة عبر قراءة الكتب في الوقت الذي يُمكّننا من إيجاد ما نسأل عنه بلمحة بصر وبمجرّد النقر على الشبكة العنكبوتية!  أصبحَ كلّ من يحملُ جهازاً خلوياً يعتبر نفسه مثقفاً وعالماً بخفايا الأمور ولا حاجة له أن يطلبَ العلم عبر القراءة أو اتباع وسائل التعلّم التقليدية! وعلى سبيل المثال نجد أغلب الأطباء يعانون من مشكلةٍ وهي أن أغلب مرضاهم لا يأتون إليهم إلّا بعد أن يكونوا قد تشبّعوا من معلومات وصلوا إليها عبر الإنترنت، مما قد يسيء لهم في اتباع ما يوصيهم به الأخصّائيّون! 

القراءة واللغة العربية 

حفظت من الأستاذ إميل ديب ما يُردّده عن الاختلاف الكبير بين إتقان لغات العالم واللغة العربية! ففي لغات العالم كافة، يقرأ الإنسان النص ليفهمه، بينما في اللغة العربيّة علينا أن نفهم النص قبل أن نُحسنَ قراءته!

وعلى الرغم من وفرة الكتب بهذه اللغة وازدياد نشرها خلال العقود الماضية، إلّا أننا نجد تراجعًا ملموساً في إتقان كتابتها ومعرفة قواعدها! ونستغرب وجود الكثير من الشعراء الجدد الذين لا يأبهون لارتكابهم أخطاء لغوية في منشوداتهم!

ومن المؤسف اننا نجد الكثيرين ممن قرأوا المئات من الكتب العربيّة ما زالوا يرتكبون أخطاء لا يستهان بها عندما يكتبون أو يتكلمون!

للحقيقة، اللغة العربية لها مستويان:

  • اللّغة المكتوبة وهي التي لا تستدعي التشكيل وقد يُخطئ القارئ في قراءتها في قلبه، أو لا يُخطئ، ولا يؤثّر ذلك كثيراً في فهم المحتوى !
  • اللّغة المقروءة بصوت مرتفع، وهي التي لا يحسنُ أداءها إلّا القليلون المتمرّسون! وقد لا تنفع كثيراً معرفة القواعد لأن الوقوع في الخطأ يسبق السرعة اللازمة لمراجعة القواعد لدى العقل!

وإذ لي من نصيحة لمحبّي القراءة باللغة العربية هي أن يعيدوا قراءة نصٍّ بصوتٍ مرتفع بعد أن يكونوا قد استمعوا إلى قراءته من شخص متحكّمٍ باللغة!

قياسي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s