
وقفت عقارب الساعة! وكأنّ العقرب الكبير لامس بطرفه العقرب الأصغر وعلق به ولم يعد يقوى على الحراك! اسمعُ تكّةً تلوى الأخرى إلّا إن العقارب تلازم مكانها!
هذا ماحدث على البسيطة بعد أن فتكت الجائحة كورونا ببني آدم! جمّدت حركتهم بينما بقي عالم الطبيعة على حاله دون أن يتأثّر بما حدث!
لأوّل مرة في التاريخ يتساوى المسجون بالحرّ ويلتزم كلّ منهما بالرقعة التي يتواجد عليها. إن خطرَ مبارحة المكان أكبر من معاناة العزلة. أمّا متابعة تعداد الإصابات وهو يتصاعد فيحبط كلّ رغبة في الخروج الى الحريّة!
بقي ان نعرف كم سيكون عدد الضحايا ومتى ستنتهي هذه الأزمة؟ أفي مدة تعدّ بالأسابيع، أم بالشهور، أم بالسنين؟
ومتى انتهت، هل سيعود كل شيء الى ما كان عليه؟ وماذا بعد الكورونا؟
قد يكون الكثير من المصاعب التي من المتوقّع مواجهتها أشدّ خطورة من الوباء نفسه! وعلى الرغم من كل المساعدات الحكومية سنرى الكثير من أصحاب المصالح والأرزاق يرزحون تحت حمولاتهم ويضطّرّون الى إقفال مصادر رزقهم الى غير رجعة! وكالعقبان التي تجوب الأجواء بانتظار الانقضاض على الفرائس ما ان تُسلم روحها، سنرى الكثير من صقور الأرض ينهشون لحم الضعفاء قبل ان يلفظوا أنفاسهم! وإذا كان عقبان السماء يتوقّفون عن النهش لدى امتلاء إمعاءاتهم فإننا نجد صقور بني آدم لا يشبعون!
ولا بدّ من ان نسأل ما يلي:
هل ستعود القوة الشرائية للأفراد كما كانت عليه قبل الجائحة؟
هل ستنتج المصانع ما كانت تقوم بتصنيعه من قبل وبنفس الغزارة؟
هل ستفتح المطاعم أبوابها من جديد لتستقبل الزبائن كما في سابق عهدها؟
هل سنجد من جديد صالات السينما والمسارح ومدن الملاهي تستقبل روّادها؟
هل سيعود الإنتاج السينمائي الى سابق عهده؟
هل ستستقبل الفنادق عدداً كافياً من الزبائن يغطي المدخول الأدنى المرجو لاستمرارها؟
هل سيعود الطيران الى نشاطه وينقل من المسافرين ما يكفي لتغطية مصاريفه؟
هل ستعود تجارة السياحة الى التمكن من تشغيل المراكز التي كانت في أوجّها قبل الأزمة وتستوعب اعداداً كبيرة من السواح؟
متى ستعود البواخر السياحية الضخمة الى الإبحار؟
هل سيتمكّن رب كل عائلة من دفع إيجار الشقة التي يسكنها أو تسديد المبالغ الشهرية المتوجبة عليه تجاه المصارف؟
هل بإمكان أية عائلة ان تحلم من جديد بشراء شقة أو منزل؟
هل ستتمكن الشركات العقارية من بيع ما بنته من مشاريع وشقق سكنية؟
هل ستنخفض القيم العقارية ولن يستطيع أصحاب البيوت والشقق بيع ما يملكونه لتسديد القروض المتوجبة عليهم؟
هل الذي فقد وظيفته يحلم بالحصول على وظيفة جديدة توازي ما كان عليه؟
هل بإمكان الفرد ان يقتني سيارة ويدفع تكاليفها كما كان يفعل من قبل؟
هل ستتمكن المحالّ التجارية من فتح أبوابها وسيتدفق عليها الزبائن لشراء ما خزّنته من بضائع وهل ستتمكن من تسديد الإيجارات والرواتب كما جرت العادة من قبل؟
بعد ما حصل في البورصة، ماذا سيكون وضعُ الذين خسروا مدّخراتهم؟
هذه أسئلة تمثّل غيضاً من فيض لا يستطيع أحد التكهن بإيجاد الأجوبة! وهنا لا نتكلم عن الأثقال التي تحملها الدول والتي كان معظمها يئنّ تحت وطأة الديون!
ليس لدينا سوى التفاؤل بالخير علّنا نجده بعد غياب!