بين الغزل والتحرّش

ليس الرجل والمرأة وجهين لعملة واحدة ولو أنهما يولدان بنفس الطريقة! في الماضي لم يكن يُعرفُ جنس المولود قبل ولادته وكان يكفهرُّ وجه الأهل عندما يعرفون أن المولود أنثى، بينما تنفرج أساريرهم ويعم الفرح قلوبهم إذا ما كان ذاك الطفل ذكراً! كانوا يضعون اللّوم على المرأة التي تتوالى إنجاباتها بالبنات، وكان البعض منهم يطلقون على تلك البنات أسماء كمنتهى وناهية ونهى وختوم آملين أن يتوقّف تدفّق الإنات ويأتي بعدها المولود الذكر!

التاريخ لم ينصف المرأة إذ جعلها أقل قدراً من الرجل الذي افرط في استخدامها في مسكنه وقد حملت مواليده وربت أولاده وشاركته همومه وطهت طعامه ونظفت منزله وملابسه وغير ذلك من الأعمال … إلّا انها تمكنت خلال العقود الماضية الأخيرة من الحصول على الكثير من الحقوق والقوانين التي أُعدّت لحمايتها ومساواتها بالرجل!

والتجاذب بين المرأة والرجل قديم العهد ولم يتوقف على مدى الأزمان. وإذ أعطى الخالق الرجل حظاً أكبر من القوة الجسدية إلّا أنه خصّ المرأة بقدر أكبر من الجمال أكان ذلك عبر تجانس انحناءات جسمها أورسم عيونها أوتخطيط شفتيها أوغير ذلك من المعالم الجميلة! وهذا الجمال كان سلاحًا ذا حدّين إذ بالقدر الذي جلب الحظ لبعضهنّ إلّا أنه كان حملاً ثقيلاً على البعض الآخر حيث استقطب التحرشات والاعتداءات الجنسية من قبل الرجال! وكم رأينا من الفتيات يجلسن على شرفة منازلهنّ وهنّ ينتظرن مرور فتى الأحلام الذي يتجسّد بأمير يمتطي حصاناً أبيض ويقع في غرامهنّ بينما لم يحلم أي شاب بمرور أميرة تقع في غرامه!

يقول مثل روسي ان الرجل يعشق ما تراه عيناه بينما المرأة تعشق ما تسمعه أذناها! وهكذا كثر تغزّل الرجال بالمرأة التي كانت تعرف كيف تسحر الشاب عندما تتمايل وهي تمشي وتهزّ ردفيها أو تسترق النظر من طرف عينيها أو تفرج عن ابتسامة ترتسم على شفتيها!

وإذ كان الرجل يشكو من عدم إخلاصه لامرأة واحدة في بعض الأحيان وقد تقوده غرائزه الى التفتيش عن نساء أخريات، وهنا تقع الكارثة اذ “إن كيدهنّ عظيم!”

في عالمنا اليوم باستطاعة المرأة ان تشكو رجلاً أمام المحاكم لأنه اعتدى عليها جنسياً قبل عقدين من الزمن أو أكثر وقد يقضي سنوات طويلة في السجن توازي ما يمضيه القتلة، بينما قد تشكو أخرى رجلاً في سبيل الانتقام منه وتدّعي بأنه اغتصبها أو قبّلها دون رضاها أو تحرّش بها سابقاً وذلك بدافع داخلي لديها لأنه تركها ووقع في شباك امرأة أخرى!

هل من الضرورة في عالم اليوم الى توقيع وثيقة تَوافق كلما أراد شاب تقبيل فتاة أو التمادي في العلاقة معها؟

حتى ان التغنّي بجمال فتاة أصبح يعدّ عند بعضهنّ تحرشاً جنسياً!   

قياسي

أضف تعليق