ما حدث في مستشفى رزق في تتمّة شر البليّة ما يُضحك

IMG_3277

بعد خروجي من المستشفى بعد إجراء عملية المرارة والتي تمّ استئصالها بواسطة تنظير البطن عدت الى منزلي لأستعيد عافيتي بالتقسيط علماً بأني كنت مجبراً على الالتزام لمدة طويلة بنظام غذائي دقيق خوفاً من الوقوع فيما يضرّ بمعاناتي وقتئذٍ بعارض البانكرياتيت!

عادت بي الذكريات الى أيامٍ خلت عندما كنت شاباً يانعاً في السابعة عشرة من عمري! صحوت من نومي ذات ليلة من أواخر شهر أيلول تحت آثار مغصٍ وألمّ شديدين في المعدة. وما كان تناول فنجانٍ من النعناع الّا ليزيد من معاناتي. وإذ كان لون وجهي شاحباً أصرّ والداي على اصطحابي الى المستشفى في بيروت وذلك انطلاقاً من بيتنا الصيفي الكائن في مزرعتنا في منطقة وادي الزينة على طريق مدينة صيدا.

قصدنا مستشفى رزق والذي كان من أركان أطبائه الدكتور جورج قزّي (رحمه الله) والذي كانت تربطنا به علاقات قرابة وصداقة. ما ان كشف عليّ حتى استخلص ان العلّة تعود للزائدة ويجب إجراء عملية لاستئصالها على الفور خوفاً من ان يزيد التهابها. وكانت المداخلة تتطلب عملية شق تقليدية في الخاصرة والانتهاء بجمع طرفي الجرح بواسطة خياطة قِطب طبّيّة والمكوث بعد ذلك خمسة ايام في المستشفى!

عند إعلامي بالقرار اغرورقت عيناي بالدموع. لم أكن حاضراً من الناحية النفسية لإجراء هكذا عملية! قبلتُ على مضض و تم إدخالي الى غرفة للتحضير وذلك في الطابق الثاني من المبنى، بعد اصرار والدي على ان أمكث في قسم “البريمو” من المستشفى!

دخلت ممرضة لإعدادي للعملية. فوجِئَتْ بأني شاب في أول عمري بينما كل مرضى الطابق كانوا من المسنين الذين تسمح لهم ظروفهم المادية بتحمل النفقات الإضافية للمكوث في ذاك الجناح.

كانت شابة في بداية العشرينات من العمر، ترتدي مريولاً ابيض، ممتلئة الجسم قليلاً بشكل يظهر جمالات انحناءات جسدها. أما شعرها الاسود الناعم فيتدلّى حتى كتفيها وبياض وجهها يشعّ نضارة تزيّنه عينان واسعتان مرسومتان بإبداع، وأسوده يتوسّط بياضاً ناصعاً من انضر ما رأيت! اما خدّاها فينعمان بلون وردي أخّاذ ويزيّنان ثغراً تضيئه أسنان بيضاء متناسقة بين شفتين ممتلئتين بنفسجيتي اللّون!

حدّقت في وجهي وقالت مبتسمةً: “لم أكن انتظر ان ارى شاباً في قسمنا! عليّ ان أنظّف مكان العميلة وأحلق الشعر”. أجبتها ان لا مانع لدي وكنت أظن ان ذلك سيطال ما يحيط بمنطقة الزائدة الّا انها قالت ضاحكةً: “علي ان أحلق لك ما هو هنا”. واشارت بالسبابة الى المنطقة الاستراتيجية التي يخاف عليها كل شاب!

لم أكن أحلم بأن أول فتاة ستكشف عن “مستوري” ستكون من أجل حلط شعري وإعدادي لمبضع الجرّاح! جاءت بالصابون والفرشاة وأخذت تفلش الرغوة على المنطقة المحظورة وهي في غاية السعادة والسرور. ثم تناولت الشفرة واخذت تحلق الشعر بتأنٍ وهي تضيف بعض الرغوة عند اللزوم. وما ان اقتربت من المنطقة الحسّاسة حتى أمسكت بأغلى ما لديّ بيدها اليسرى تحرّكه حسب الحاجة بينما تمسك بشفرة الحلاقة باليمنى وهي تُدندن بصوت منخفض انغاماً جميلة! وانا بين وجعي وحيائي ألعن الحظ الذي جعلني لم أُرِ جسدي لفتاة جميلة الّا وانا في طريقي الى غرفة العمليات!

بينما هي في خضمّ العمل دخلت علينا ممرضة ثانية سمراء اللّون نحيفة الجسم وطويلة القوام! بحلقت عينيها فيّ وصرخت بصوتٍ عالٍ: “شاب؟”. واخذت تحدّث صاحبتها وتقهقهان على أبسط الأمور.

دخلتُ غرفة العمليات وكل ما اذكره انه ما ان تمّ تمديدي فوق المنضدة وحقني بمادة حتى دار فوقي جهاز الإضاءة وذهبت الى عالم آخر.

أفقت من سباتي في الغرفة التي تمّ نقلي اليها ووجدت والديّ مع بعض الأقارب يبتسمون لي ويبادرونني بالكلام. كانت غرفة كبيرة تحوي مقاعد من الجلد وطاولة وسطية للزوار! اشارت لي والدتي الى وعاء زجاجي تم وضع ما تمّ استئصاله فيه ضمن سائلٍ ما يغمره. إنما المفاجأة كانت ما تم وضعه في علبة صغيرة فوق قطنة بيضاء: الجزء الأمامي من إبرة خياطة وعليها بعض الصدأ! يبدو ان الجرّاح وجدها في جسمي وهو يشق طريقه لاستئصال الزائدة! ما الحكاية؟

عادت بي الأيام الى عمر خمس سنوات! أخذني والداي آنئذٍ الى عيادة الدكتور سرحال. بعد فحصي اكتشف ان جسماً صلباً يرزح تحت الجلد في مستو ى خاصرتي اليمنى. وبدون استعمال اي بنج قطع الجلد! صرخت صوتاً من تألّمي وكأنني تلقيت طعنة! أخرج الطبيب الجسم الصلب الذي كان مؤخرة إبرة للخياطة ولم يلقَ المقدمة التي كانت قد تحركت بضع سنتمترات!

كان تفسير ذلك ان ثمة إبرة كانت قد دخلت جسمي وانكسرت عندما لم يكن لي من العمر الا بضعة أشهر. كان الكثير من أعمال الخياطة يتم عمله في البيت وكانت عادة السيدات ان تشك الابرة في عروة فستانها كلما أخذت بعضاً من الوقت للاستراحة! ويبدو ان إحداهن حملتني على صدرها مما تسبب بدخول الإبرة عن طريق الخطأ الى جسمي!وقد بكيت حينئذً دون ان يعرف أحد سبب بكائي!

وإذ أسترجع ما حدث لي في مستشفى رزق أستنتج ان بعض الوقائع المضحكة قد تحدث في أيامنا هذه في اتعس الأحوال واذكر منها ما حدث معي في مونتريال منذ سنوات قليلة عندما كنت برفقة صديقي إيلي!

قياسي

رأي واحد حول “ما حدث في مستشفى رزق في تتمّة شر البليّة ما يُضحك

  1. Ahmed Dbouk كتب:

    مساء الخير بشير والجميع
    فعلاً انك متعدد المواهب يا بشير ، فإذ بك على صفحة الصالون الثقافي تسائلنا عن الحب والعواطف والزواج ومن ثمّ على صفحة النادي تُبهرنا بقصّة X-RATED ، لو كان صديقي Hugh Hefner ما زال حياً لتوسطّت لك لديه لتكتب في playboy 😂😂😂 ولفت نظري انه كل القصص في المستشفيات مع ممرضات ، يعني ما يحلم به أغلب الشباب 😉، وشو حكاية كل ما دخلت على مستشفى بيطلع الزائدة ، منيح ما افتكرت الممرضة انه أغلى شيئ عندك كان قطعة زائدة وحرموك منها 😂😂😂 ، حلوة كثير القصة واعجبني جداً حين دخلت الممرضة الثانية وصرخت شاب ، كأنك شي قطعة كاتو للأكل ، نيّالك عالزائدة وتوابعها 😂😂
    حلوة كثير القصة وطريقة السرد والذاكرة المميزة التي تتمتع بها 👍👍وعذراً سلف ما كان في ما اترك مخيّلتي تكتب التعليق 🙏🙏

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s