في نطاق سجالٍ مع مجموعة من الأصدقاء حول تقدم الغرب علينا كان ردّي كما يلي:
“أعذروني يا أعزائي لعدم تمكني من مجاراتكم في قراءة كل هذه المصادر والكتب التي جئتم على ذكرها لأحلّل واقعاً نعرف انه كثير المرارة وليس بإمكاننا إيجاد بصيص النور الذي يدلّنا على مخرج الأمان!
لا نبكينَّ على ابن خلدون وابن رشد وابن سيناء وابن بطّوطة وغيرهم من علمائنا وفلاسفتنا ولا نزعلنَّ ان بلاد الغرب استفادت من تُراثهم بينما نحن بقينا نراوح مكاننا على عزّ امجادٍ أفَلت!
هل وصل الغرب الى السعادة المرجوّة بشكل فاق به ما يعيشه أبناء مشرقنا؟
الملبس والمأكل والمشرب
“وَيْل لأمّة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر”
• المَلْبس
o ملبس الرجال
تركنا ملابسنا التقليدية لنقلّد الغرب بثيابه واستغنينا عن الشروال والدشداشة لنلبس السروال الضيّق وقد اثبتت الدراسات مؤخراً أنّ ما كان يرتديه اجدادنا كان يحافظ على خصوبة الرجل بعكس البنطلون الغربي!
o ملبس النساء
فلتسامحني النساء اللواتي ستقرأن كلماتي! أرتعب أحياناً لمجرّد رؤية امرأة تحاول ان تحافظ على توازنها عندما تنقل خطواتها وهي تلبس حذاءً ذَا كعبٍ عالٍ! وفوق كل ذلك تجدها “مزمركةً” بتنّورة قصيرة وقميص ضيّقين يكشفان معالم جمال جسدها أكان مخبأً أم مكشوفاً! وقد أَرتبكُ في بعض الأوقات عندما تجلس أمامي امرأة تحدثني بينما هي تعرض قسماً من مفاتن مقدّمتها وان خالجتني الرغبة باستراق النظر أجدها تبحلق عينيها وتنتهرني قائلةً وهي تدلّ بإصبعيها: “عيوني هون!” هل يوجد للرجال ما يوازي ما يُركّبونه على أعين البغال حتى لا ترى ما لا يجب النظر اليه؟
• المأكل والمشرب
ابتعدنا كثيراً عن أكلاتنا الشهيرة كاليخاني وغيرها وأصبحنا نستهلك وجبات سريعة اعدّها أناس لم يكن لهم اي باعٍ في تاريخهم في فن الطهي! اضحى الهمبرغر والبطاطا المقلية اكثر ما يستهلك في عالمنا تاركين السلطات والفتوش والتبولة والمتبلات وغيرها والتى اثبتت الدراسات انها افضل من الناحية الصحية. اما عن المشروب فحدث ولا حرج عن الكولا وغيرها مما جعلنا ننسى العصير الطبيعي وحتى الماء الصافية. اما عن القهوة الغربية فقد غزت بلادنا وهي تباع بأغلى الاثمان رغم نتانتها!
المنزل والمفروشات
نقلنا كل شيء عن الغرب دون ان ندرس ما إذا كان أفضل لنا مما كنا عليه!
o كنا نفترش الارض للنوم وأصبح السرير في كل غرفة مع ان آلام ظهر كثيرة سببها النوم على السرير!
o تركنا صابون الزيتون البلدي ظناً منا ان ما اخترعه الغرب افضل مع ان العكس هو الصحيح.
o لم يعد احد يعرف كيف يتربّع للجلوس على الارض وحلت المقاعد والكراسي في كل مكان مع انه تبين ان هذه المقاعد مضرة للجسم!
o ألغينا كل المراحيض العربية من منازلنا واستبدلناها بكراسي التواليت الغربية وأصبح كل من يريد ان يقضي حاجته يجلس مسترخياً وكأنه في احد المجالس مع العلم ان وضع القرفصاء هو الأفضل لتلك الحاجة!
o بتوفّر التكنولوجيا اصبح كل إنسان منفرداً وان تواجد مع عائلته فكلٌّ يعيش عالماً مختلفاً عن الجالس بقربه.
هل التحضر يجلب السعادة؟
للأسف نجد ان التقدم لم يجلب السعادة لأحد وقد تفككت العائلات رغم انها ما زالت تعيش ضمن المنزل الواحد!
ان تفوّق علينا الغرب ببراءات الاختراع الا انه تخلّف بالرباط الاسروي الذي ما زلنا نحافظ عليه رغم كل النكبات! رغم مصائبنا ما زلنا نفوقهم بالسعادة التي نعيشها وذلك بفضل التربية القويمة التي ما برحنا نلقّنها لأولادنا! والدليل على ذلك ان الادمان على المخدرات والكحول ولعب القمار وحتى الطلاق وحوادث الانتحار نِسبها مرتفعة جداً في بلاد الغرب اذا ما قارنّاها ببلادنا!”
احسنت القول … و لنكون اكثر دقة اخذنا القبيح منهم اكثر من الجميل و المفيد
ستفرج قريبا
صديقي بشير
من حيث المبدأ، أنت على حق. لقد انجرفنا سريعاً وراء الغرب وتبنّينا القسم الأكبر من عادته، ما يلائمنا وما لا يلائمنا. صحيح أن عبارة رزقالله على ايام زمان تعبّر عن تندم وحسرة لكن يجب أن لا ننسى بأن الغرب ساهم الى حد بعيد بإعطائنا الكثير . أين نحن من حسنات التكنولوجيا، ماذا عن سهولة رسرعة التواصل وتبادل المعرفة . التكنولوجيا ساهمت بإكتشاف الأدوية والعلاج للكثير من الأمراض . إلى ما هنالك من أمور حياتيّة.
المهم هو أن نأخذ من عادات الغرب ما يلائم، أن تستفيد من حسنات التكنولوجيا دون أن نصبح عبيداً لها. سررت جدّاً لقراءةهذه التدوينة ورحت أفكّر بكل العادات الّلتي ذكرتَها، هل يا ترى انفتاحنا على الغرب هو الوحيد المسؤول عن إبتعادنا عن هذه العادات ؟
الجواب على هذا التساؤل يتطلّب نقاشاً في جلسة قريبة إن شاء الله.
الى اللقاء في تدوينة اخرى.
شكراً لك يا صديقي سمير على التعليق، إنما في موضوعي لم أنكر اننا استفدنا من تقدم الغرب الاّ اني آسف لأننا لحقناه بشكل أعمى وتخلينا عن هويتنا وأصبحنا نلبس ونأكل ونشرب ونجلس وننام وحتى نقضي حاجتنا مثل أبناء الغرب دون ان نبحث ما إذا كانت ما تزال لدينا عادات وطرق معيشة صحيّة ومن الأفضل المحافظة على بعضٍ منها!